بسم الله الرحمن الرحيم
منهجية ابن خلدون وآرائه التاريخية
لابن خلدون آراء ونظريات متعددة في التاريخ يمكن تلخيصها فيما يلي:
أولا: النظرية الخلدونية في فلسفة التاريخ أو ماهيته:
1. اعتبر التاريخ من قبيل العلوم الفلسفية،حيث قسم العلوم إلى نوعين.
§ نقلية: وهي التي تعتمد على السند والخبر
§ وفلسفية: وتستند إلى الاستنباط الفكري الإنساني.
2. دعا إلى فلسفة وضعية واقعية للتاريخ مستمدة من تأمل البيئة وظروفها، وإجالة العقل في مظاهرها وملابساتها فقد ابتعد عن التخبط فيما وراء حدود العقل.
3. صاغ فلسفة للتاريخ تمثل بما لا يدع أي مجال للشك منهجه البحثي العقلاني المتفرد به بحسب مقاييس عصره،حيث عرف التاريخ بأنه: " خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم، وما يتعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال: مثل التوحش، والتأنس، والعصبيات، وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول، ومراتبها، وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش، والعلم والصنائع، وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعة الأحوال"
4. يرى أن التاريخ ليس مجرد سرد لأخبار الماضي، وإنما هو علم قائم بذاته حيث يقوم على ثلاثة أركان هي:
أ- النظر ب- التحقيق ج- التعليل للوقائع وكيفياتها.
5. ليست مهمة المؤرخ الإخبار عن الأيام والدول والحروب والجيوش بل دراسة ما يعرض للاجتماع الإنساني من الأحوال والأطوار.
6. كانت نظرته للآفاق المستقبلية للتاريخ تشير إلى أن العالم يسير بخطوات ديناميكية سريعة نحو التطور الاستمراري، وهكذا نجد بأن توقعاته كانت تؤكد بأن كل شيء تقريباً قابل للترقي والتقدم . وعليه فقد امتازت شخصيته وآراءه بروح التجديد في علم التاريخ.
ثانيا: النظرية الخلدونية في أخطاء المؤرخين:
1. لاحظ ابن خلدون أن كثيرا من المؤرخين لا يتجاوزون في كتابتهم التاريخية النقل المباشر عن سابقيهم ، وكأن التاريخ حكاية عن السلف ,مع إن التاريخ في جوهره فلسفة عميقة لقوانين الاجتماع , وبهذا النهج عارض من سبقه من المؤرخين الذين جمعوا الروايات دون نظام منهجي خاص يفرق فيه المؤرخ بين الأخبار الحقيقية والأسطورية.
2. كان أغلب المؤرخين يحصرون عملهم في حشد الروايات وتوثيق السند ، دون القيام بنقد الأخبار على أساس طبائع العمران، " ً.
3. إن حركة التاريخ عند ابن خلدون هي حركة انتقال مستمرة من البداوة إلي الحضارة على شكل دورة وهذا الانتقال يتم عبر الدولة والتي تنشأ على أنقاض دولة سابقة لها...الخ.
4. التاريخ في نظر ابن خلدون" فن عزيز المذهب، جم الفوائد، شريف الغاية".ورأى أن حسن النظر والتثبت يقضيان الحق ويبعدان عن الزلل، ومع أنه آثر أعمال عدد من المؤرخين الذين سبقوه كالطبري والمسعودي لكنه ذكر الأخطاء التي يقع فيها المؤرخون والتي يمكن لأمثالهم الوقوع فيها في كل زمان ما لم يتنبهوا لها. ويرجع ابن خلدون أسباب الخطأ عند المؤرخين إلى:
1. عدم الموضوعية: بسبب" التشيعات للآراء والمذاهب": لأن التشيع أشبه بغطاء على عين البصيرة يحول بينها وبين التمحيص والنظر وهما المعول في تبيان الصدق من المزيف.
2. عدم تحكيم العقل:"الثقة في الناقلين": فمن الضروري بمكان إن يعني المؤرخ وهو ينقل الروايات والأخبار أن يدقق فيما ينقله على إثباته أو اعتماده0
3. "الذهول عن المقاصد": كأن يفوت المؤرخ إدراك القصد بما عاين أو سمع فينقل الخبر على ظنه وتخمينه فيقع الكذب 0
4.توهم الصدق: وهذا ناتج في رأي صاحب المقدمة عن الثقة بالناقلين 0
4. " الجهل بتطبيق الأحوال على الواقع": بسبب ما يداخلها من التلبيس والتصّنع فبعض الأمور ظاهرها غير باطنها وجهل ذلك يؤدي إلى الوقوع بالخطأ .الناتج عن الجهل بطبائع الأشياء ولا سيما قوانين الطبيعة التي وضعها الله ولهذا قبلت عقولهم المستحيلات.
5. " تقرب الناس لأصحاب التجلة والمراتب بالثناء والمدح، وتحسين الأحوال وإشاعة الذكر": بدوافع الرغبة والرهبة لاسيما وأن النفوس مولعة بحب الثناء والناس متطلعون إلى الدنيا وأسبابها من جاه و ثروة، وليسوا في أكثريتهم براغبين في الفضائل ولا متنافسين فيها.
6. " الجهل بطبائع الأحوال في العمران ": وهي من أسباب مقتضيات الأخطاء، ويرجع ابن خلدون هذه العوامل إلى بواعث نفسية وخلقية تتعلق بشخصية الراوي وسلوكه.والجهل بطبائع الأشياء ولا سيما قوانين الحضارة ،وكيفية تدرج الأمور والحوادث، وفق قوانين محددة للتطور والسقوط.
7. ولوع الناس بالغرائب وسهولة التجاوز على اللسان: وعدم محاسبة النفس عن الخطأ، خاصة في الأخبار التي تتناول الأعداء.
8. القياس والمحاكاة: فيخرج الإنسان عن هدفه خاصة إذا امتزج بالغفلة وعدم الإتقان.
9. عدم إدراكهم للأهداف الاجتماعية، والمعاشية، والتاريخية.
10 . عدم وجود معيار منهجي، تنقد به الوقائع والأخبار