التاريخ كما يجب أن يكون



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

التاريخ كما يجب أن يكون

التاريخ كما يجب أن يكون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


    من تاريخ العرب والفرس والروم

    avatar
    أحمس


    عدد المساهمات : 4
    تاريخ التسجيل : 09/10/2009

    وردة من تاريخ العرب والفرس والروم

    مُساهمة من طرف أحمس الجمعة أكتوبر 09, 2009 6:11 pm

    الفرس والعرب :

    بعد حادثة الاخدود التي احرق فيها ذي نواس (ملك اليمن) ومن معه من اهل
    اليمن للمبشرين الاحباش ومن تبعهم من اهل نجران والذين ارسلهم النجاشي
    للتبشير بالنصرانية في اليمن ثارت ثائرة ملك الحبشه واقسم على الانتقام
    واحتلال اليمن وكان له ما اراد و حكم الأحباش اليمن فترة طويلة من الزمان،
    فطغوا و افسدوا، و أرهقوا أهل اليمن فلمّا اشتد البلاء على أهل اليمن, خرج
    سيف بن ذي يزن حتى قدم إلى قيصر الروم. و قد فضّل الذهاب إليه بدلا عن
    كسرى لإبطاء هذا الأخير عن نصر أبيه. فإن أباه كان قد قصد كسرى "أنوشروان"
    لما أُغتصب إبرهه منه زوجته وتزوجها يستنصره على الحبشة فوعده فأقام ذو
    يزن عنده دون جدوى إلى أن مات على بابه‏ و كان سيف قد تربى مع أمه في حجر
    أبرهة الحبشي وهو يحسب أنه ابنه فسبه ذات مرة ابن إبرهة (يكسوم) وسب أباه
    ( وكان يكسوم اخو سيف لامه من ابرهه) فسأل أمه عن أبيه فأعلمته خبره بعد
    مراجعة بينهما فأقام حتى مات أبرهة ثم سار إلى الروم فلم يجد عند ملكهم ما
    يحب لموافقته الحبشة في الدين فعاد إلى كسرى فاعترضه يومًا وقد ركب فقال
    له‏:‏ إن لي عندك ميراثًا فدعا به كسرى لما نزل فقال له‏:‏ من أنت وما
    ميراثك قال‏:‏ أنا ابن الشيخ اليماني الذي وعدته النصرة فمات ببابك فتلك
    العدة حق لي وميراث‏.‏


    فرق كسرى له وقال له‏:‏ بعدت بلادك عنا وقل خيرها والمسلك إليها وعرٌ ولست أغرر بجيشي‏.‏


    وأمر له بمال فخرج وجعل ينثر الدراهم فانتهبها الناس فسمع كسرى فسأله ما
    حمله على ذلك فقال‏:‏ لم آتك للمال وإنما جئتك للرجال ولتمنعني من الذل
    والهوان وإن جبال بلادنا ذهب وفضة‏.‏


    فقال كسرى‏:‏ هذا الرأي‏.‏


    ، فعاد سيف و وفد على النعمان بن المنذر عامل فارس على الحيرة، فشكى إليه،
    و استمهله النعمان حتى وفادته على كسرى، فلما وفد قدمه إليه، و أخبره
    بمسألته، فقال كسرى عن أرض اليمن إنما هي أرض شاه و بعير، و لا حاجة لنا
    بها، و أعطى سيفاً بعض الدنانير فنثرها سيف، و قال: لاحاجة لي بها فجبال
    ارضي ذهب و فضة.


    فشاور كسرى رجاله في الأمر، فأشاروا عليه بإرسال السجناء والمجرمين من
    سجون فارس والتخلص منهم للقتال مع سيف بن ذي يزن، فإن هلكوا، فلهم ، و إن
    ظفروا باليمن فلهم و انضمت ولاية جديدة إلى أعمال فارس. فعمل كسرى
    بالمشورة فأمر بمن في السجون فأحضروا فكانوا ثمانية الاف فولى عليهم
    قائدًا من أساورته يقال له "وهرز" وأمر بحملهم في ثماني سفن فركبوا البحر
    فغرق سفينتان وخرجوا بساحل حضرموت ولحق بابن ذي يزن بشرٌ كثير وسار إليهم
    مسروق في مائة ألف من الحبشة ومن معهم من اهل اليمن وجعل "وهرز" البحر
    وراء ظهره وأحرق السفن لئلا يطمع أصحابه في النجاة وأحرق كل ما معهم من
    زاد وكسوة إلا ما أكلوا وما على أبدانهم وقال لأصحابه‏:‏ إنما أحرقت ذلك
    لئلا يأخذه الحبشة إن ظفروا بكم وإن نحن ظفرنا بهم فسنأخذ أضعافه فإن كنتم
    تقاتلون معي وتصبروني أعلمتموني ذلك وإن كنتم لا تفعلون اعتمدت على سيفي
    حتى يخرج من ظهري فانظروا ما حالكم إذا فعل رئيسكم هذا بنفسه‏.‏


    ‏ وسار وهرز حتى دخل صنعاء وغلب على بلاد اليمن وأرسل عماله في
    المخاليف‏.‏ وكانت مدة ملك الحبشة اليمن نحوًا من مائتي سنة وقيل غير ذلك
    والله اعلم .‏


    فلما ملك وهرز اليمن أرسل إلى كسرى يعلمه بذلك وبعث إليه بأموال وكتب إليه
    كسرى يأمره أن يملك سيف بن ذي يزن على اليمن وأرضها وفرض عليه كسرى جزية
    وخراجًا معلومًا في كل عام فملكه وهرز وانصرف إلى كسرى وأقام سيف على
    اليمن ملكًا يقتل الحبشة ويبقر بطون من حمل منهم من نساء اليمن و ولد كل
    عربية من أسود إلا قتله صغيرًا أو كبيرًا ولا يدع رجلًا جعدًا قططًا قد
    شرك فيه السودان في نسبه إلا قتله فمكث غير كثير ثم إنه خرج يومًا والحبشة
    يسعون بين يديه بحرابهم فضربوه بالحراب حتى قتلوه فكان ملكه خمس عشرة سنة
    ووثب بهم رجل من الحبشة يقال له ارياط واستعاد الاحباش سيطرتهم على اليمن
    فقتلوا باهل اليمن وأفسدوا فلما بلغ ذاك كسرى بعث إليهم وهرز في أربعة
    آلاف فارس وكان جيش الاحباش يقارب الخمسين الافا فهزمهم وأقبل حتى دخل
    اليمن ففعل ما أمره وكتب إلى كسرى يخبره فأقره على ملك اليمن فكان يجيبها
    لكسرى حتى هلك وأمر بعده كسرى ابنه المرزبان بن وهرز حتى هلك ثم أمر بعده
    كسرى التينجان بن المرزبان ثم أمر بعده خسراوية بن التينجان بن المرزبان‏.‏


    فزالت دولة العرب، و لم تقم لملوك حمير قائمة بعدها وقيل‏:‏ إن أنوشروان
    استعمل بعد وهرز ( خسراوية) وكان مسرفًا إذا أراد أن يركب قتل قتيلًا ثم
    سار بين أصواله فمات أنوشروان وهو على اليمن فعزله ابنه هرمز‏
    avatar
    أحمس


    عدد المساهمات : 4
    تاريخ التسجيل : 09/10/2009

    وردة رد: من تاريخ العرب والفرس والروم

    مُساهمة من طرف أحمس الجمعة أكتوبر 09, 2009 6:12 pm

    ثم إن كسرى
    غضب عليه فأحضره من اليمن فلما قدم تلقاه رجل من عظماء الفرس فألقى عليه
    سيفًا كان لأبي كسرى فأجاره كسرى بذلك من القتل وعزله عن اليمن وبعث باذان
    إلى اليمن فلم يزل بها حتى بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم‏.‏



    ذكر ملك سابور ذي الأكتاف


    ولد سابور ذو الأكتاف بن هرمز بن بن أردشير.


    مملكاً بوصية أبيه هرمز له بالملك فاستبشر الناس بولادته وشاع في أطراف
    مملكة الفرس أنه كان لا ملك لهم. وأن أهلها إنما يتلومون صبياً في المهد
    لا يدرون ما هو كائن من أمره فطمعت في مملكتهم الترك والروم.


    وكانت بلاد العرب أدنى البلاد إلى فارس وكانوا من أحوج الأمم إلى تناول شيء من معايشهم وبلادهم. لسوء حالهم وشظف عيشهم.


    فسار جمع عظيمٌ منهم بكر بن وائل وتميم في البحر من ناحية بلاد البحرين و
    عبرو كاظمة (الكويت)حتى أناخوا على خرمشهر وسواحل أردشيرخرة (الاحواز)
    فمكثوا على ذلك من أمرهم حيناً. لا يغزوهم أحد من الفرس لعقدهم تاج الملك
    على طفل من الأطفال.


    وقلة هيبة الناس له حتى تحرك سابور وترعرع. فلما ترعرع ذكر أن أول ما عرف
    من تدبيره وحسن فهمه أنه استيقظ ذات ليلة وهو في قصر الملكة بطيسبون من
    ضوضاء الناس بسحر.


    فسأل عن ذلك فأخبر أن ذلك ضجة الناس عند ازدحامهم على جسر دجلة مقبلين
    ومدبرين فأمر باتخاذ جسر آخر حتى يكون أحدهما معبراً للمقبلين والآخر
    معبراً للمدبرين. فلا يزدحم الناس في المرور عليهما. فاستبشر الناس بما
    رأوا من فطنته لما فطن من ذلك على صغر سنه.


    ثم تتابعت أخباره إلى البلدان والثغور بما قوم أصحابه وقمع أعداءه. حتى
    إذا تمت له ست عشر سنة وأطاق حمل السلاح وركوب الخيل واشتد عظمه جمع إليه
    رؤساء أصحابه وأجناد واعاد تنظيم جيشه وقرر الفتك بالعرب فقصد مملكتهم في
    الحيرة فخرج جيش منهم لملاقاته ولما كان الفرس أكثر تنظيما وأقوى سلاحا
    استطاع سابور أن يحتل الحيرة منتصرا وولى عليها أوس بن قلام . ثم تبع
    سابور أسرف في القتل في الخط وهجر حتى سالت دماء العرب على الأرض، وتابع
    سابور زحفه إلى اليمامة وهو يغور المياه ويخلع أكتاف العرب تنكيلا بهم،
    ولذلك سموه سابور ذا الأكتاف


    ثم سار بهم فأوقع بمن انتجع بلاد فارس من العرب وهم غارون وقتل منهم أبرح
    القتل وأسر أعنف الأسر وهرب بقيتهم. ثم قطع البحر في أصحابه واستقرى بلاد
    البحرين يقتل أهلها ولا يقبل فداء ولا يعرج على غنيمة. ثم مضى على وجهه
    فورد هجر(الاحساءوماحولها) وبها أناس من قبيلة تميم وبكر بن وائل وعبد
    القيس فأفشى فيهم القتل وسفك فيهم من الدماء سفكاً سالت كالسيل حتى كان
    الهارب منهم يرى أنه لن ينجيه منه غارٌ في جبل ولا جزيرة في بحر ثم عطف
    إلى بلاد عبد القيس فأباد أهلها إلا من هرب منهم فلحق من هرب منهم بالرمال
    ثم أتى اليمامة فقتل بها مثل تلك المقتلة ولم يمر بماء من مياه العرب إلا
    عوره ولاجب من جبابهم إلا طمه. ثم أتى قرب المدينة فقتل من وجد هنالك من
    العرب وأسر ثم عطف نحو بلاد بكر وتغلب شمال بلاد البحرين حتى مملكة فارس
    ومناظر الروم بأرض الشام فقتل من وجد بها من العرب وسبى وطم مياهم وإنه
    أسكن من بنى تغلب من البحرين دارين - واسمهما هيج – والخط (القطيف) ومن
    كان من عبد القيس وطوائف من بني تميم في هجر ومن كان من بكر بن وائل في
    اوال وكرمان وهم الذين يدعون بكر أبان ومن كان منهم من بني حنظلة بن يربوع
    من تميم بالرمل . وإنه أمر فبنيت بأرض السواد مدينة وسماها بزرج سابور -
    وهي الأنبار - وبأرض الأهواز مدينتان: إحداهما إيران خره سابور وتأويلها
    سابور وبلاده وتسمى بالسريانية الكرخ والأخرى السوس وهي مدينة بناها إلى
    جانب الحصن الذي في جوفه تابوت فيه قبر النبي دانيال عليه السلام. وإنه
    غزا أرض الروم كما سيأتي ذكره فسبى منها سبياً كثيراً فأسكن مدينة إيران
    خره سابور وسمتها العرب السوس بعد تخفيفها في التسمية. وأمر فبنيت بباجرمى
    مدينة سماها خنى سابور وكور كورة وبأرض خراسان مدينة وسماها نيسابور وكور
    كورة.



    انتصار الفرس


    قام كسرى الثاني (590-628) بإِسْتِغْلال نزاع على السلطة في الإمبراطوريةِ
    البيزنطية وانطلق مع جيوشه باحتلال شامل للأراضي البيزنطية ضد ملك الروم
    فوكاس


    بدأت الحرب عام 602م. وفي عام 608 وصلت جيوش الفرس في آسيا الصغرى إلى
    كريسبوليس المواجهة للقسطنطنية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية (أي في
    الجانب الآسيوي)، وفي نفس الوقت تقدمت قبائل الآفار والسلاف المتحالفين مع
    الفرس في البلقان لتطويق القسطنطنية (اسطنبول)من الجانب الآخر (الأوربي)،
    وغزت جيوش تلك القبائل كذلك عامة البلقان ووصلت إلى أثينا. وقد وسع الفرس
    رقعة ممتلكاتهم في الشام وأرمينيا. وفي عام 613 وصلت جيوشهم إلى دمشق.
    وانتصر الفرس في عدة معارك منها معركة حاسمة في سهل حوران بين مدينتي بصرى
    ودرعا.و أخرى عند البحر الميتثم في العام التالي 614 زحف جيش القائد
    الفارسي شهرباراز en:Shahrbaraz إلى إيلياء (القدس). حيث حاصرها الفرس
    حوالي 20 يوماً، ثم دخلوها عنوة وجعلوها نهبا للحرائق. وقتل اليهود (حلفاء
    الفرس التقليديين) عدداً كبيراً من النصارى يقدره بعض المؤرخين بـ57 ألف.
    ودمر الفرس كنيسة القيامة واستولوا على الصليب المقدس (الذي يعتقد النصارى
    أن إلههم صلب عليه) ونقلوه الي عاصمتهم المدائن. وكان لسقوط بيت المقدس في
    أيدي الفرس صدمة كبيرة بين النصارى. فهذه كانت أول مرة تقع فيها هذه
    المدينة المقدسة بأيدي غير مسيحية.


    ثم تقدم إلى مصر، فسقطت الاسكندرية في أيديهم سنة 619، وترتب على ذلك انقطاع القمح عن القسطنطينية وازدياد سوء الأحوال الاقتصادية.


    ولقد أصاب المسلمين الحزن نتيجة لانهزام الروم لأنهم أهل كتاب وديانة
    سماوية بينما الفرس مجوس وعبّاد للنار، فوعد الله تعالى المسلمين بأن
    الفرس ستُغلب في المعركة الثانية بعد بضع سنوات وأن نصر الروم سيتزامن مع
    نصر المسلمين على المشركين. وبضع سنوات ، وقد تحقق ما وعد به القرآن
    الكريم بعد سبع سنوات أي ضمن المدة التي حددها من قبل، حيث وقعت معركة
    أخرى بين الفرس والروم سنة 626م وانتصر فيها الروم وتزامن ذلك مع انتصار
    المسلمين على مشركي قريش في غزوة بدر الكبرى.


    وخلال تلك الفترة تقريباً نزل قول الله في القرآن: {غُلِبَتِ الرُّومُ *
    فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي
    بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ
    يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} سورة الروم. و بحلول سنة 622 م كانت
    الإمبراطورية البيزنطية على حافة الإنهيارِ وحدودِ الإمبراطوريةِ
    الأخمينية السابقة على كُلّ الجبهات احتلها الساسانيون ما عدا أجزاء من
    الأناضول. ولم يبق للروم إلا أثينا وجزائر البحر المتوسط (قبرص وصقلية)
    وشريط ساحلي في شمال إفريقيا (قرطاجة). انهارت معنويات الروم، وازداد
    الصراع الداخلي بينهم، وتوقع الناس سقوط دولتهم سريعاً، إذ بدى من
    المستحيل أن يستطيعوا المقاومة.


    انتصار الروم
    avatar
    أحمس


    عدد المساهمات : 4
    تاريخ التسجيل : 09/10/2009

    وردة رد: من تاريخ العرب والفرس والروم

    مُساهمة من طرف أحمس الجمعة أكتوبر 09, 2009 6:13 pm

    تولي هرقل السلطة

    عام 622 م (يعني السنة الأولى للهجرة)، حصل انقلاب عسكري حيث تمكن هرقل
    (610-641) en:Heraclius حاكم قرطاجة من الاستيلاء على القسطنطينية وأعاد
    تنظيم الجيش. أبدى هرقل شجاعة ومهارة كبيرة في مواجهة الخطر الفارسي.
    فبدلاً من منازلة جيوش الفرس المتوغلة في أراضي الامبراطورية، قام
    بالاتفاف عليهم ومهاجمتهم في عقر دارهم في البلاد الفارسية. إذ تحالف مع
    الخزر الترك، وترك العاصمة المحاصرة القسطنطينية وهاجم بلاد فارس مِنْ
    المؤخّرةِ عن طريق الإبحار من البحر الأسود، فاستولى على أذربيجان (ميديا)
    سنة 624، حيث قام بتدمير أكبر معبد نار مجوسي (انتقاماً لتخريب كنيسة
    القيامة في القدس).


    وفي هذه الأثناء ظَهرَ شكَّ متبادلَ بين الملك كسرى الثاني وقائد جيشه
    شهرباراز. وقام الوكلاءُ البيزنطيون بتسريب رسائل مزيفة للجنرال شهراباراز
    تظهر بأنّ الملك كسرى الثاني كَانَ يُخطّطُ لإعدامه. فخاف الجنرالَ
    شهرباراز على حياته وبَقي محايداً أثناء هذه الفترةِ الحرجةِ. وخسرت بلاد
    فارس بذلك خدماتَ إحدى أكبر جيوشِها وإحدى أفضل جنرالاتِها. إضافةً إلى
    ذلك، توفي بشكل مفاجئ شاهين وسباهبود العظيم قادة الجيش الساساني والذي
    كان تحت سيطرته بلاد القوقاز وبلاد الأناضول. وهذا ما رَجَّحَ كفّة
    الميزان لمصلحة البيزنطيين، وأوصل الملك كسرى الثاني إلى حالةِ الكآبةِ.


    وبمساعدةِ الخزر وقوَّات تركية أخرى، استغل الإمبراطور البيزنطي هرقل غياب
    قادة الجيش الساساني ورِبح عِدّة إنتصارات مُدَمّرة للفرس بعد 15 عاماً من
    حربهم للبيزنطيين. حملة الملك هرقل تَتوّجتْ في معركةِ نينوى، حيث انتصر
    الملك هرقل في كانون الأول عام 627 (بدون مساعدة الخزر الذي تَركوه)
    انتصاراً ساحقاً على الجيش الفارسي بقيادة راهزاد. وهذه المعركة الحاسمة
    قد قررت مصير الصراع بين الطرفين.


    هلاك كسرى


    ووصل خبر هذه المعركة إلى المسلمين عام 628 بعد أن انصرفوا من مكة عاقدين
    صلح الحديبية. ثم أرسل رسول الله عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى
    الثاني يدعوه للإسلام. فغضب كسرى غضباً شديداً، فجذب الرسالة من يد كاتبه
    وجعل يمزقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح: أيكتب لي بهذا، وهو عبدي؟!! ثم
    أمر بعبد الله بن حذافة أن يخرج من مجلسه فأخرج. فلما قدم عبد الله على
    نبي الله أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب، فدعا على الفرس أن
    يمزقوا كل ممزق[1].


    أما كسرى فقد كتب إلى باذان نائبه على اليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل الذي
    ظهر بالحجاز رجلين جلدين من عندك، ومرهما أن يأتياني به. خرج الرجلان
    رسالة باذان إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما قرأ كتاب صاحبهم،
    أخبرهم أن الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه؛ فقتله في شهر كذا وكذا ليلة
    كذا وكذا من الليل؛ بعد ما مضى من الليل. فانطلقوا فأخبروا باذان. فقال:
    لئن كان ما قاله محمد حقاً فهو نبي، وإن لم يكن كذلك فسنرى فيه رأيا. فلم
    يلبث أن قدم عليه كتاب شيرويه ابن كسرى يخبره بقتله لأبيه في تلك الليلة،
    واستيلاءه على عرشه. فأعلن باذان إسلامه، وأسلم من كان معه من الفرس في
    بلاد اليمن[2]. وأسلم كذلك العرب في البحرين وخرجوا عن طاعة كسرى. وأسلمت
    بعض قبائل العرب في العراق مثل بني شيبان.


    زحف هرقل خلال العراق، حيث وصلته أخبارَ إغتيالِ الملك كسرى الثاني. ثم
    تحالف مع الأحباش عام 629 وانتصر مجدداً على الفرس وصار قريباً من
    المدائن. وعندها رآى شيرويه أن من الأفضل أن يعقد الصلح مع هرقل. وبمقتضاه
    استردت بيزنطة كل ما كان لها من البلاد التي كانت قد سقطت في أيدي الفرس،
    بما في ذلك أملاكهم في بلاد الجزيرة الفراتية والشام ومصر..


    مشى هرقل حافياً إلى القدس حاملاً ما يسمى بالصليب المقدس عام 630. وهذه
    هي سنة لقاءه مع أبي سفيان لما وصلته رسالة محمد (صلى الله عليه و سلم).
    وبعد رجوع هرقل إلى القسطنطنية استقبله أهلها استقبال الأبطال، وحمل له
    الشعب أغصان الزيتون ورتلوا المزامير وهتفوا باسمه.


    على أن فرحة هرقل لم تدم طويلاً. إذ لم تمض إلا برهة من الزمن وإذا به
    يواجه جيوش المسلمين. وبعد معركة اليرموك، حسم مصير بلاد الشام، ثم لم
    تلبث مصر أن فتحت كذلك، ثم شمال إفريقيا. وتوالت مسيرة الجهاد والانتصارات
    والمعارك والفتوحات ..


    يوم ذي قار


    هو يوم من أيام العرب في الجاهلية، وقع فيه القتال بين العرب والفرس في العراق وانتصر فيه العرب.


    كان من أعظم أيام العرب وأبلغها في توهين أمر الأعاجم وهو يوم لبني شيبان
    من بكر بن وائل بن ربيعه وهو أول يوم انتصرت فيه العرب على العجم وخبره
    كالتالي :


    ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي وكان في مجلسه رجل عربي يقال له:
    زيد بن عدي وكان النعمان قد غدر بأبيه وحبسه ثم قتله فقال له: أيها الملك
    العزيز إن النعمان بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر
    من عشرين امرأة على هذه الصفة.


    وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة، فلما دخلا على
    النعمان قالا له: إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولاده نساءاً من العرب فأراد
    كرامتك وهذه هي الصفات التي يشترطها في الزوجات. فقال له النعمان: أما في
    مها السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته ؟ يا زيد سلّم على كسرى وقل
    له: إن النعمان لم يجد فيمن يعرفهن هذه الصفات وبلغه عذري. ووصل زيد إلى
    كسرى فأوغر صدره وقال له: إن النعمان يقول لك ستجد في بقر العراق من
    يكفينك.


    فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمان بوائقه، ثم أرسل إلى النعمان
    يستقدمه، فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة فحمل أسلحته وذهب إلى بادية بني
    شيبان حيث لجأ إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودع عنده نسوته ودروعه
    وسلاحه وذهب إلى كسرى فمنعه من الدخول إليه وأهانه وأرسل إليه من ألقى
    القبض عليه وبعث به إلى سجن كان له فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات
    فيه.


    وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبيصة الطائي وكلفه أن
    يتصل بهانئ بن مسعود ويحضر ماعنده من نساء النعمان وسلاحه وعتاده، فلما
    تلقى هانئ خطاب كسرى رفض تسليم الأمانات، فخيره كسرى إما أن يعطي مابيده
    أو أن يرحل عن دياره أو أن يحارب فاختار الحرب وبدأ يعد جيشاً من بكر بن
    وائل ومن بني شيبان ومن عجل ويشكر والنمر بن قاسط وبني ذهل.


    وفي أثناء ذلك جمع كسرى نخبة من قيادات الفرس ومن قبائل العرب التي كانت
    موالية كالمناذرة وبني اياد ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى
    كسرى.


    فلما وصل جيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ: نحن
    قدمنا إلى قتالك مرغمين فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟ فقال لهم: بل
    قاتلوا مع جنود كسرى واصمدوا إلينا أولاً ثم انهزموا في الصحراء وإذ ذاك
    ننقض على جيش كسرى ونمزقهم.


    وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء لا
    ماء فيها ولا شجر وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم، فبدأ الفرس
    يموتون من العطش ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق وبينما هم في جحيم
    المعركة انهزمت قبيلة إياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها فضربت
    فيهم ومزقتهم وقتل كل قيادات فارس الذين أرسلهم كسرى لإحضار هانئ حياً،
    فلما رجعت بعض فلول الفرس إلى كسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت.


    وكانت ساحة ذي قار أرضاً يغطي الزفت والقطران أرضها فلما رآهم كسرى على
    ذلك الشكل قال لهم: أين هانئ ؟ وأين قياداتكم الذين لا يعرفون الفرار
    فسكتوا فصاح بهم فقالوا: لقد استقبلنا العرب في صحرائهم فتهنا فيها ومات
    جميع القادة وخانتنا قبيلة إياد حين رأوا بني جنسهم، فكاد كسرى يفقد عقله
    ولم يمضي عليه وقت قصير حتى مات حسرة فتولى مكانه ابنه شيرويه.


    وقد حدث بعض من حضر يوم ذي قار أن قبائل بكر استصبحوا من خلفهم وانقضوا
    على الجيش الفارسي فبرز أحد العلوج وطلب المبارزة فانقض عليه عربي من بني
    يشكر اسمه برد بن حارثة اليشكري فقتله، وكان هانئ قد نصب كميناً من وراء
    الجيش الفارسي فانقض الكمين على الملك الجديد الذي كان كسرى عينه خلفاً
    للنعمان بن المنذر، وفي أثناء ذلك أحس العرب روابط الأخوة التي تنتظمهم
    فانسحب من جيش فارس كثير من العرب الذين كانوا يعطون ولاءهم لفارس من
    المناذرة وبنو اياد فانقضوا على الفرس الذين يلونهم بعد أن كانوا يدينون
    بالولاء لهم، وعرف العرب أنهم كانوا مخدوعين بملك رخيص كان كسرى يضحك به
    على بعض أذنابه منهم.


    وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما بلغه انتصار قبائل بكر بقيادة هانئ
    بن مسعود الشيباني الوائلي على عساكر الفرس قال : ( هذا أول يوم انتصف فيه
    العرب من العجم ، وبي نصروا ) .


    والحق أن انتصار العرب على العجم في ذي قار كان نواة لمعركة القادسية التي
    أعز الله فيها قبائل العرب بنور الإسلام ونبوة محمد عليه الصلاة والسلام.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 3:30 am